تعد الكرفانات صراي (caravanserai) منشأة معمارية ظهرت نتيجة للسياسات التجارية التي حرصت على تنفيذها دولة سلاجقة الروم( ) (469-708هـ/1077-1308م) والتي شُيّدت على طول طرق التجارة التي تربط بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب لمدن ومراكز آسيا الصغرى( ). وتُعد ايضا هذه المنشآت شاهدة على قوة سلطان سلاجقة الروم، وتماسك بنيان دولتهم المنظم( )، أعانت هذه المنشأة علي استمرار حركة التجارة بما وفرته من عوامل الأمن والسلامة للطرق التجارية والتجار والمسافرين، وضمان النقل الآمن للقوافل التجارية من وإلى وجهتها. كما عملت على تلبية احتياجات الإقامة والمأوى للواردين والنازلين فيها وقُسمت الدراسة إلي تمهيد ومبحثين، عرض التمهيد التعريف بالكرفانات صراي لغة واصطلاحا، وجدلية المصطلح مع الرباط والخان، والجذور التاريخية لهذه المنشأة، وتخطيط معماريتها، ثم طرق إدارتها. وجاء المبحث الأول ليوضح الخدمات الاجتماعية التي تم تقديمها داخل الكرفانات صراي من المأوى والتغذية، وتوافر الخدمات الصحية من وجود حمامات ونافورات، وبيمارستان لعلاج المرضى وتوافر العقاقير الطبية بها، وبياطرة لدوابهم، وأيضا أماكن عبادة لتأدية الشعائر الدينية، وخدمات أخرى متعددة لبت الاحتياجات المعيشية لكل من ينزل إلى الكرفانات صراي مجانًا دون تمييز، فضلاً عن المساعدات المالية للفقراء والمحتاجين. وتناول المبحث الثاني الأدوار الدفاعية للكرفانات صراي من خلال الأحداث العسكرية والاضطربات التي حدثت وخاصة بعد سيطرة الإيلخانيين( ) على بلاد سلاجقة الروم، وذلك عقب انتصارهم في معركة كوساداغ عام641هـ/1243م( )، حيث كانت الكرفانات صراي شاهدة على العديد من حركات التمرد والعصيان، وحالات الصراع على عرش السلطنة السلجوقية، واستُغلت جدرانها المحصنة كملاذ آمن وملجأ يحتمي إليه كل من يتحصن بها، فضلاً عن دورها العسكري كقاعدة لجيش السلطنة، وكانت أيضًا بمثابة مراكز حدودية، وسجون، ومقرات حكومية للدولة.